"هذا الرجل" أكذوبة العقل البشري



هذا الرجل This Man



"هذا الرجل"، قد شغل العالم أجمع، و لم يستطع أحد أن يعرف إذا كان حقيقة أم أن البعض قد اختلق الأمر و قام بنشره لغرض معين، لكنه و مع هذا كله قد أصبح حديث العديدين حول العالم الذين هم من أديان و ثقافات و عادات و تقاليد مختلفة بل و يتحدثون كذلك بلغات و لهجات متباينة.



إذا كنت لا تعرف من هو "هذا الرجل" فدعني أقص عليك قصته التي قرأها العديدون، منهم من شعر بالرعب و هو يقرأ و منهم من استخف بالأمر إلا أن هذا لم يمنع أبدا الفضول الذي سيطر على العديدين مما قرأوه على مواقع شبكة المعلومات المختلفة و كذلك عند زيارتهم لموقعه الشخصي الذي قام بإنشائه المهتمون بأمره مع وضع صورته المرسومة بدقة و طلبات تحث أيا كان أن يدلي بمعلومات عنه أو حتى أن يقص حكايته معه.


لن أشعل فضولك أكثر من هذا، دعنا ننطلق إلى قصته؛



في عام ألفين و ستة و في إحدى العيادات النفسية كانت المريضة تجلس في جلسة علاج عادية و قد ذكرت بأن هناك رجل يزورها في أحلامها باستمرار و يقدم لها النصائح، "هذا الرجل" لم تقابله قط في حياتها و هي متأكدة من هذا تماما، و نظرا لأن المرأة تجيد الرسم فقد قامت برسم ملامح "هذا الرجل" بدقة.


لكن هذا الأمر لم يشغل الطبيب النفسي كثيرا، حتى أتت جلسة علاجية أخرى كان فيها رجل هذه المرة و أثناء الجلسة كان الطبيب يقلب في أوراقه التي كانت تتضمن الصورة التي رسمتها المريضة السابقة و وقعت عينا المريض عليها فاتسعت عيناه مدهوشا و حملق في الصورة و هو يقول "هذا الرجل" !


دُهش الطبيب لردة فعل مريضه تجاه الصورة و سأله إن كان يعرفه فنفى المريض ذلك و أخبره بأن "هذا الرجل" يزوره في أحلامه باستمرار و يقدم له نصائح حول حياته.


شعر الطبيب النفسي بالدهشة من هذا؛ نظرا لأن شخصين مختلفين لا يعرفان بعضهما يحلمان بشخص واحد يؤكدان أنهما لا يعرفانه، و على هذا فقد قام الطبيب بنسخ الصورة عدة نسخ و بعثها لزملائه الذين يعملون في نفس مهنته و كانت المفاجأة؛

لقد تلقى الطبيب العديد من المكالمات من زملائه يخبرونه فيها بأن العديد من مرضاهم الذين عرضوا عليهم الصورة أصابهم الذهول و الدهشة و أكدوا على أن "هذا الرجل" يزورهم في أحلامهم و يقدم لهم نصائح حول حياتهم !


و على مدار هذه السنين و حتى هذه اللحظة قد أكد ما يزيد على الألفي شخص من عدة دول و ثقافات و لغات و أديان نفس ما قالته المريضة التي فجرت هذا الأمر في البداية.


لم يتأكد 
أحد بعد من كون هذه القصة حقيقية أم أنها فقط مجرد أكذوبة للفت الانتباه أو أنها للتسلية، لكني عندما قرأت القصة التي أوضحتها لكم بأسلوبي قفز إلى ذهني مباشرة ما يعرف باسم "ظاهرة التخاطر العقلي" أو بالإنكليزية Telepathy.


و لمن لا يعرف ما هو التخاطر العقلي؛ إنه انتقال الأفكار بين عقلين بدون أي وسيط، لم تفهمها ؟ دعني أوضحها لك بصورة أكثر بساطة؛


إذا أردت أن أخبرك بأمر ما، ما هي الوسائل التي سأتبعها في ذلك ؟ أبسطها هي أن أقولها لك مباشرة أي أن أستخدم حاسة السمع لديك بأن أتكلم و إن لم أرد أن أتكلم فيمكنني أن أستخدم حاسة النظر لديك بأن أكتبها لك على الورق و أجعلك تراها،


أما التخاطر العقلي فإنه يبتعد تماما عن استخدام أية حاسة من حواس الإنسان؛ فالفكرة تنتقل مباشرة من عقلي إلى عقلك بدون أن أجعلك تسمع أو ترى أو تلمس أو تتذوق أو تشم.


و على هذا فمن الممكن أن أقوم بإيحاء صورة شخص معين لك في عقلك و جعلك تراها أو أن أقنعك بأن فكرة معينة قد صدرت من عقلك أنت و هي في الواقع مني أنا، إذا رأيت الفيلم الشهير "البداية" أو Inception سترى أن هناك بشرا يستطيعون زيارة آخرين في أحلامهم و غرس أفكار في عقولهم و جعلهم يتصرفون حسب ما يريدون هم، و الآخرون يكونون مقتنعين أن هذه أفكارهم الشخصية التي صدرت من عقولهم.


ربما تكون القصة غير صحيحة و مجرد خزعبلات لكن ربما أيضا تكون محاولة من أحد ما زرع صورة "هذا الرجل" بهذه الملامح في أفكار كل من يراه ربما لإقناعهم بأن هذه الملامح التي تؤكد على انتمائه العرقي هي لعرق طيب و نبيل يسدي النصائح و ليس يفكر فيما يضر، أو ربما ليقنعك بنصائحه التي ستنفذها بأنها مفيدة في البداية أو هكذا ما ستتخيله أنت ثم ينصحك بنصيحة ربما تضرك و تضر أمنك و سلامتك و ربما وطنك و أمتك.


لهذا احترس؛ ففي المرة القادمة عندما تنام ربما يزورك "هذا الرجل" في أحلامك و يعطيك نصائح تجرك إلى الهاوية و تقضي عليك و تدمرك و ربما دفعتك لتدمير من تحب، فدع ما قرأته مني جانبا و لا تحملق كثيرا في صورته.

سأكون حُلُماً من أحلامي

إرسال تعليق

حقوق النشر © شعاع من الماضي جميع الحقوق محفوظة
x