ردت إليكم



يميل المصريون دونا عن غيرهم من شعوب الأرض إلى التضخيم و المبالغة، و اللجوء لهذه الطريقة يكون إما بشكل تلقائي و إما لكف الكلام عن مصيبة أكبر، دار هذا في ذهني حينما تابعت ما قام بفعله الممثل الشاب أحمد مالك و الصحفي شادي حسين.



كلكم تعرفون ما حدث؛ قام الشابان بالنزول في يوم الخامس و العشرين و منحوا بعض العساكر مجموعة من الواقيات الذكرية بعد نفخها و الكتابة عليها.


و أنا هنا لا أقوم بالدفاع عما فعله هذان الشابان لأنه أمر سيء أخلاقيا و ليست هذه هي الطريقة المناسبة للتعبير عن الاعتراض و لا يجب أن تكون هذه الفئة هي التي يتم توجيه السخرية و الإهانة إليها.


لكن دهشت بشدة من ردود أفعال بعض المشاهير من ممثلين و إعلاميين و صحفيين و كأن الله قد أنزلهم ملائكة بأجنحة و لم يقوموا بفعل ما هو أفظع من ذلك و لا أكبر منه كما إنهم لم يقوموا بمهاجمة من فعل أكثر مما فعله هذان الشابان و جهاز الكفتة ليس ببعيد، أين ذهب صاحبه ؟ و أين ذهبت المؤسسة التي قامت برعايته و الإعلان عنه ؟ ألا تعد هذه أسوأ سخرية من المصريين ؟


في نهاية الأمر هذان الشابان كانا يلعبان لكن هذا الرجل بمن يرعاه قد منح الناس آمالا و وعدا كاذبة و صدق عليه كثيرون في المؤسسات الإعلامية من أن هناك من عولجوا بالفعل، و أين ذهب كل هذا ؟ لا يعلمه غير الله و من سمح له بأن يخدع الناس و من سمح له بأن يهرب.


دعوات لإعدام الشابين و لمنع أحمد مالك من التمثيل و يهدد آخرون بأنهم سيتركون المهنة إذا بقى فيها و آخرون يسمونها بالجريمة النكراء التي يندى لها الجبين، لماذا لم تقولوا هذا عن كثير من الأشياء التي كانت تستحق هذه الثورة الغاضبة منكم ؟ هؤلاء العساكر قد مزح معهم الشابان مزاحا ثقيلا و مهينا و ضعوا أي لفظ سيء تحبونه لكنه في نهاية الأمر مزاحا لم يتسبب في الإضرار الفعلي بأحد أو يعرضه للقتل أو الإصابة أو السحل أو السجن و يجب أن نذكر بأن هؤلاء العساكر يتم استغلالهم كأسوأ ما يكون من الضباط و من أولي الأمر في أمور شديدة السوء فالأولى أن تكونوا قد تكلمتم عن هذه الأشياء بدلا من الاهتمام بحدث سخيف و تافه.


حاولوا أن تبحثوا عن الأسباب التي أدت بالشابين إلى هذا الفعل من الأساس، امنحوا الشهداء الذين سالت دماؤهم حقوقهم، امنحوا من يحيون في بطالة وظائف جيدة، قوموا بإنشاء مشروعات حقيقية تعمل على تشغيل و تطوير مهارات الشباب الذين أصبح جلهم يرغب في ترك البلاد و الهروب منها ليس لخوفا في نفسه بل لإصابته بالإحباط من أنه لن يجدي أي أمر نفعا.


علمنا ديننا أن الجزاء من جنس العمل و أن المرأ يجب عليه ألا ينهى عن خلق و يأتي بمثله؛ كما فعل أحد الفنانين المشهورين حينما هاجم الشابين بشدة ثم أهان - هو نفسه - هذا الجهاز الذي دافع عنه من قبل، لماذا فعل هذا ؟ الإجابة بسيطة فالأمر جيد حينما يتعرض له غيري لكنه سيء حينما أتعرض أنا إليه حتى لو كنت أستحق هذا العقاب.


إذا أردتم أن تعاقبوا الشابين بالفعل على ما فعلوه فالأمر بسيط؛


"هذه بضاعتكم ردت إليكم".


سأكون حُلُماً من أحلامي

إرسال تعليق

حقوق النشر © شعاع من الماضي جميع الحقوق محفوظة
x