المرة الأولى لكل شيء قد لا تكون هي الأفضل و قد لا تكون هي الأسوأ، لكن متى ينبغي على صاحب الإبداع أن يكف و يقول إنني لست أهلا لهذا ؟
إذا كنت مخولا للإجابة على هذا السؤال؛ فسأقول، أنه لا ينبغي لصاحب الإبداع أبدا أن يتوقف، حتى لو اجتمعت كافة الآراء على أن عمله سيء، حتى لو أعاد الكرة أكثر من مرة و لم يوفق في إرضاء الناس.
تحضرني هنا مقولة للعالم الشهير ألبرت أينشتاين - أظن أنه يقول فيها -:
"إنني لم أفشل في تجربة ما، تسعة و تسعين مرة، بل وجدت تسعة و تسعين طريقة غير صحيحة".
و أقول أنا، إنه مادام الشخص يحاول و يثابر؛ فلابد أنه سيصل في النهاية إلى ما يشاء، ربما أوجد الله له طريقا آخر غير ما اختاره، لكن عليه ألا يكف عن المحاولة و التجربة.
و حينما بدأت أدخل في عالم الأفلام المستقلة، وجدت أن المبدعين من مخرجين و كتاب، ينظرون دوما إلى أشياء في العمل الذي يشاهدونه، تحكم - من وجهة نظرهم - على صاحب الإبداع، أنه من الممكن أن يكمل في طريقه، مع تلافي بعض العيوب التي وقع فيها؛ فهناك قصة جيدة و أفكار بناءة يتم طرحها، قيادة جيدة لفريق العمل، زوايا تصوير متميزة، قد ينجح صانع الفيلم في تحقيقها جميعا أو معظمها أو بعض منها، أو حتى في شيء واحد فقط.
و قد شعرت بأن قصة الحب التي حدثت بين بطلي فيلم السريح - لمؤلفه مصطفى ثابت و مخرجه أحمد محمد عبده - تمسني بشدة؛ فهناك الكثير من الاعتبارات الاجتماعية التي قد تمنع أن يبوح بها أحد الطرفين، لكنها قد تخرج في محاولة اتصال فاشلة، أو مساعدة في أزمة يمر بها الطرف الآخر، أو في نظرة إعجاب أو قول.
التصوير في الأماكن الضيقة قد يصعب على الكثيرين تحقيقه، لكني وجدت أنه يتحقق بشكل جيد في فيلم السريح؛ في إظهار امتعاض الفتاة التي يتحرش بها الرجل المسن و لا تستطيع أن تعترض أو في محاولة الدفاع عن امرأة أخرى، أو في نظرات الإعجاب التي ظهرت على وجوه بعض الركاب الذين لا يستطيعون حتى إبداء اعتراضهم بألسنتهم، في خوف المسن حينما قام السريح بالتنكيل بمتحرش آخر، و قد كنت أأمل أن تكون نسخة الفيلم بجودة أعلى؛ حتى تكون الصورة أكثر وضوحا.
و حينما شاهدت فيلم رسائل من السماء - من تأليف و إخراج مصطفى ثابت -، وجدت الكثير من المعاني التي تمسني و تمس قلب كل من يؤمن بالله؛ فلا خير يمكن أن يرجوه أي كان، مع انتهاجه للسلوكيات السيئة في حياته، و البعد عن إرضاء الوالدين أو حتى مساعدة من يمد يده بحاجة تكون في الاستطاعة؛ فكيف تظن أن الله سيحقق لك ما ترجوه، ما دمت أنت لا تحقق لنفسك و لا لغيرك ما يرجوه هو منك ؟!
كنت أتمنى في فيلم رسائل من السماء أن يكون الصوت واضحا؛ لأنني لم أستطع سماع الحوارات بشكل جيد، كما أزعجني مشهد اجتماع بطل الفيلم مع أصدقائه، حينما بقيت الموسيقى التصويرية مع الأغنية التي كانوا يستمعون إليها، بالإضافة إلى أحاديثهم سويا؛ كنت أأمل أن تتوقف الموسيقى التصويرية مع وجود الأغنية، كما كنت أرغب حينما يتم التركيز على حديث الأصدقاء أن ينخفض صوت الأغنية.
أتمنى للكاتب و المخرج مصطفى ثابت، التوفيق في الطريق الذي يرغب في أن يسير فيه؛ فالإبداع ليس له حد و ليس له سقف، كما الطموح و الأمل اللذان قد يكونان كل ما تبقى للإنسان كي يستمر في حياته و طريقه.