الرسالة الأولى منذ اللحظة الأولى التي وقعت عيناي عليكِ فيها، و أنا أتعجب من حالي هذه ؟! ففي بادئ الأمر، أصبحتُ كلما خطت قدماي في أرجاء المكان و أنا أبحث عنكِ ! كنتُ أشعر بوجودك حتى لو لم تركِ عيناي؛ أجد الأرجاء من حولي تمتلئ بالفراشات التي تطوف فيه، أشم رائحة عطر الزهور، أشعر بنسمة هواء محببة إلى النفس، و بأن كل جزء قد تحول ليصبح ورديّ اللون؛ لونك أنتِ. ربما لا أستطيع أن أجيب على تساؤلي الحائر؛ ما الذي جعلني أقع في أسركِ بهذا الشكل، حتى قبل أن يجمعنا أي حديث ؟ لأن كل ما فيكِ أسرني؛ ابتسامتك الرقيقة الخجلى التي تجعل الوجود من حولي يشرق و يبتسم هو كذلك لي، يداكِ اللتان أحسد عليهما حقيبتكِ أو هذا الكرسي أو أي شيء تلمسينه بهما، لكن هل عساي أن أحتمل لمسة واحدة منهما ؟ أعتقد أنني لن أستطيع ! ماذا عن شعرك الذي يبدو مثل شعر أميرات الزمن الذي ولى ؟ لا بل أنتِ نفسك أميرة قد هربت من الماضي السحيق و أتت إلى هذا العصر ! ماذا عن شفتيكِ الفاتنتين طيلة الوقت؛ و أنت تتحدثين أو تبتسمين، أو تحركينهما معترضة على أمر ما، هما فاتنتان حتى في لحظات الصمت الذي أحرُم فيها من سماع صوتك العذب. كنت أعلم يقينا بأن
بعد انتهاء التمرين الرياضي، كنت في حاجة إلى تناول طبق من سلاطة الخضروات، فذهبت إلى ذلك المطعم الشهير و طلبتها مع مشروب و أثناء انتظاري لاستلام الطلب رأيت فتاة لفت جمالها نظري، كانت تتحدث مع فتاة صغيرة أمامها و تأكل شطيرة تمسكها بيديها، كانت سمراء ينسدل شعرها ناعما، كانت تضع الكثير من مستحضرات التجميل و هذا في الواقع أمر أكرهه في المرأة، لكن شيئا في هذه الفتاة قد جذبني بشدة، استلمت الطلب و أنا أتساءل بيني و بين نفسي: هل هي والدة الفتاة الصغيرة أم أختها ؟ مررت بجانبها فنظرت إلى أصابع يديها لم أجد دبلة فيها، ليس هذا دليلا على شيء، جلست على المنضدة و نظرت ناحيتها فوجدتها تنظر ناحيتي هي الأخرى و حينما التقت نظراتنا ابتعد كل منا بعينيه بسرعة. انهيت وجبتي ثم نظرت ناحيتها فحدث ذات الأمر، هل كانت تنتظر مني أن أبدأ الحديث ؟ كيف أبدأ الحديث مع فتاة لا أعرفها و في أي شيء سأتحدث ؟ هل ستقبل مني ذلك ؟ أم ستحرجني ؟ خاصة مع وجود الكثير من الناس الذين يحيطون بنا، لم أكن أملك الشجاعة الكافية لأفعل ذلك، و لهذا فقد جررت نفسي و تعمدت مرة أخرى أن أمر من أمامها لعلها هي تبدأ أي أمر، لكنه لم يحدث. غادرت المكان
حيث يأتي الوقت الذي يصعب عليَّ الكلام فيه، و يكون عليَّ الصمت كذلك عسيرا حينها أقع بينهما أسيرا و تقتلني حيرتي فيما أفعلُ عيناكِ كلمتانِ؛ نعيمٌ و جحيم شفتاكِ كذلك؛ عبيرٌ و لهيب يداكِ مَسُ ملاكٍ و قرين صوتك وَسْواسٌ و رَنين أَبِكِ أهتدي أم أضلُ السبيل ؟!
تعليقات
إرسال تعليق