أقدام العابرين

 اعتدت على أن أمر في طريق عودتي إلى منزلي - أو عند نزولي منه - من خلال حديقة عامة، صحيح أنه كان يعيبها المهملات التي يلقيها الناس على الأرض، أو الحشائش المتسخة التي لا يعتني بها أحد، أو المياه التي تنتشر في كافة أرجائها نتيجة الري الجائر، أو الزهور الذابلة المقطوف معظمها من قِبَل الزائرين، و يا ليتهم يحتفظون بها، بل في معظم الأحيان تجدها ملقاة على بعد خطوات قليلة من الحديقة بعد أن أخذوا منها عطرها و أصبحت كثير من الأقدام تدوسها بغير اكتراث.

لكن على الرغم من كل هذا؛ كنت أستمتع بلا شك من منظرها الذي مازال رائعا رغم تشويهه من البعض، أما الآن بعدما لم يعد لها وجود، و اقتُلِعَت من جذورها، وبُنيَت مكانها بناية ضخمة تدر أموالا و تضج بحياة ميتة؛ فقد انتباني الحزن الشديد لأنني أفتقد الجمال الطبيعي حتى لو كان ناقصا، و أكره الجمال الصناعي حتى لو كان كاملا.

أرغب في استعادة شيء من حياتي فقدته مع هذه الحديقة؛ شيء لم يعد له وجود سوى بداخلي؛ فهل تراه سيعود أم ستبقى منه مجرد زهرة ملقاة تدوسها أقدام العابرين ؟

سأكون حُلُماً من أحلامي

إرسال تعليق

حقوق النشر © شعاع من الماضي جميع الحقوق محفوظة
x